الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي عن النذر، هل النذر لا يجب إلا بلفظ معين كالقول مثلاً نذرت أي أنه إذا قال رجل مثلا إنه إذا شفي فلان سأذبح شاة، فهل هذا يعتبر نذراً يثبت بحق القائل فأرجو توضيح المسألة وأقوال العلماء فيها إن وجد؟ جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالنذر هو التزام مسلم مكلف قربة من القرب، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر، أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة معينة خاصة به، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله علي أن أنحر بدنة، ولئن شفى الله مريضي لأتصدقن بثلث مالي، ونحو ذلك.

فلا يشترط في صحة النذر أن يتلفظ بكلمة (نذر) في قول جمهور أهل العلم، بل يصح بكل صيغة تدل على الالتزام والوجوب، جاء في الموسوعة الفقهية: ولا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر فصرح في صيغته اللفظية أو الكتابية بلفظ (النذر) أنه ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر.

وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ (النذر) كمن قال لله علي كذا، ولم يقل نذراً وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ويلزمه ما نذر أم لا؟ على اتجاهين الاتجاه الأول: يرى أصحابه أن النذر ينعقد ويلزم الناذر وإن لم يصرح في صيغته بلفظ النذر، إذا أتى بصيغة تفيد التزامه بذلك، روي هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما إذ قال في رجل قال علي المشي إلى الكعبة لله، هذا نذر فليمش، وقال بمثل قوله سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد ويزيد بن إبراهيم التيمي، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وحكاه ابن قدامة عن جماعة من العلماء وقال أصحاب هذا الاتجاه إن عدم ذكر لفظ النذر في الصيغة لا يؤثر في لزوم النذر إذا كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر، وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول لله علي أن أفعل كذا، وإن قال علي نذر كذا لزمه أيضاً لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذراً... انتهى.

واللفظ الذي ذكره السائل (إن شفي فلان فسأذبح شاة) ليس فيه ما يشعر بالالتزام كلفظ (لله) أو (علي) ونحوهما، فهو من ألفاظ الكناية فإن نوى قائلها بها النذر لزمه وإلا فليس بنذر، ومن المعلوم أن صيغة النذر منها ما هو صريح فيه ومنها ما هو كناية.

قال الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج: ... والنذر صيغة التزام يدخلها الصريح والكناية... انتهى.

والكناية منها تنعقد مع النية، قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ... وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام فلا ينعقد بالنية كسائر العقود... وينبغي كما قال شيخنا انعقاده بكناية الناطق مع النية، قال الأذرعي وهو أولى بالانعقاد بها مع البيع.. انتهى.

والخلاصة أننا نرى أن الصيغة التي ذكرها السائل هي من صيغ الكناية في النذر وتنعقد نذراً إن نوى بها قائلها النذر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني