الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلبت منه زوجته الطلاق بعد ثلاث سنوات من زواجه لدخله المحدود فطلقها

السؤال

زوجتي طلبت مني الطلاق بعد 3 سنوات من الزواج، لأن دخلي محدود وأنا حزين جدا، لأنني كنت أتقي فيها الله وقالت إنها لا تحتمل أن تكمل معي الحياة، وبعد ما طلقتها كانت تضحك، والسؤال: أنا الآن أعتبر في بلاء فهل هي ـ الأخرى ـ في بلاء أم لا ؟ مع اعتبار أنها كانت تضحك وكانت فرحة ومبسوطة بعد الطلاق مباشرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيحرم على المرأة طلب الطلاق من زوجها دون سبب معتبر شرعا، كما بيناه في الفتوى رقم: 1114.

ولم نتبين مقصودك بمحدودية الدخل التي ذكرت, فإن كنت قادرا على توفير الضروريات والحاجيات لزوجتك من طعام وكساء ومسكن وعلاج بما يليق بحالكما, وكنت معسرا فقط بتوفير التحسينيات والترفيهيات فلا يجوز لها حينئذ طلب الطلاق.

أما إن أعسرت بما وجب عليك من هذه الأمور الضرورية أو الحاجية، فهنا قد اختلف العلماء على ثلاثة آراء بيناها مفصلة في الفتوى رقم: 126155.

ورجحنا منها رأي الجمهور القائل بأن من حق المرأة حينئذ أن تطلب الطلاق،

ولا شك أن ما أصابك من ضيق الرزق وفراق زوجتك هو من البلاء, كما قال سبحانه:وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة : 155 ـ157}.

وأيضا، فإن هذا بلاء لزوجتك ـ سواء قبل فراقها لك أو بعد ذلك ـ فإن الإنسان لا ينفك عن بلاء في حياته إما بخير أو بشر، كما قال سبحانه: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء: 35}.


علما بأن البلاء لا يواجه بمثل الصبر والاحتساب، وقد سبق قوله سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة : 155 ـ157}.

يقول ابن القيم ـ رحمه الله: فليس لمن قد فتن بفتنة دواء مثل الصبر، فإن صبر كانت الفتنة ممحصة له ومخلصة من الذنوب كما يخلص الكير خبث الذهب والفضة, فالفتنة كير القلوب ومحك الإيمان وبها يتبين الصادق من الكاذب. انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 109553، ففيها نصائح لمن أصابته مصيبة أو ابتلي ببلية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني