الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصة مكذوبة على الإمام الشافعي

السؤال

قصة الجارية التي قالت: أزان بالليل خطيب بالنهار ـ هناك قصة تُنشر على بعض صفحات الإنترنت، وتُنسب إلى الإمام الشافعي أطلب منكم توضيح صحة أو كذب وزيف هذه القصة، وإن كان هناك فِكر فاسد وضد الإسلام يتم تعليمه للناس وتغليفه بغلاف الحكمة الزائفة فيها، فأرجو أيضاً توضيح الفِكر الفاسد مع أي دلائل من القرآن والسنة لإثبات أن هذا ليس من الإسلام في شيء، جزاكم الله خيراً، وها هي القصة: حُكي عن الشافعي أنه كان جالساً وسط تلامذته، فجاءته جارية وقالت له: يا إمام، أزان بالليل خطيب بالنهار؟ فنظر تلاميذ الشافعي له منتظرين إجابته ونفي هذه التهمة، فنظر الشافعي للجارية وقال لها: يا جارية، كم حسابك؟ فثار تلامذة الشافعي منهم من صاح ومنهم من قام ليمشي، فقال لهم الشافعي: فلتعتبروني مثل التمر، كلوا منه الطيب وارموا النواة، فلم يعجب التلاميذ بهذا، ووسط هذا اللغط جاء رجل مسرعاً يقول: يا جارية، إن بيتك يحترق وبداخله أبناؤك، فجرى كل من كان موجوداً باتجاه المنزل، بما فيهم الشافعي وحين وصلوا دخل الشافعي مسرعاً وأنقذ الأطفال، فقالت الجارية منكسرة: إن اليهود هم من سلطوني لأفعل هذا حتى تهتز صورتك وسط تلاميذك ـ فنظر التلاميذ متسائلين للشافعي عن عدم نفي التهمة عنه، فقال الشافعي: لو كنت نفيت التهمة كنتم ستنقسمون إلى فريقين فريق لن يصدقني ويستمر في تكذيبي، وفريق يصدقني ولكن يشك في صدقي، فأحببت أن أفوض أمري كله لله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون هذه القصة من أبين الكذب، وفي ألفاظها من الركاكة وفي متنها من السماجة ما يبين وضعها وكذبها لكل ذي لب، وكيف يظن بالشافعي ـ رحمه الله ـ أن يصدر منه كلام يدل على الإقرار بالفاحشة عياذا بالله، وأين التفويض لله وتسليم الأمر له في الإقرار بهذا المنكر الشنيع؟ وواضع هذه القصة أو ناقلها إن كان حسن القصد يريد رفع مقام الأئمة والحط على اليهود فقد أساء من حيث أراد أن يحسن، فإن مقام الأئمة أعلى من أن يحتاجوا في رفعه إلى مثل هذا الهذيان، ومثل هذه القصص هي إلى الزراية بالأئمة والحط عليهم أقرب، وفضائح اليهود وعداوتهم للمسلمين أبين من الشمس في رابعة النهار. فعلى المسلمين أن يشتغلوا بالثابت من قصص الكتاب والسنة وما نقله الثقات من قصص العلماء وأخبارهم ففي هذا النفع الكثير، وفيه غنية عن مثل هذه الأباطيل التي لو لم يكن في حكايتها إلا إضاعة الوقت فيما لا طائل تحته لكفى به تنفيرا عن حكايتها والاشتغال بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني