الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول: الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه

السؤال

أيجوز قول: الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه؟ أيبلغ الحمد منتهاه؟! أليس في ذلك إساءة في حق الله سبحانه وتعالى؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه العبارة تحمل على الحمد الذي يستحقه الله تعالى ويجب له، وأما العبد: فلا يستطيع بلوغ منتهى حمد الله تعالى، وهذا من فضل الله تعالى على عباده، لأن الحمد وشكر النعم نعمة جديدة تستحق الحمد والشكر عليها، وقد جاء في حديث ضعيف رواه الطبراني: اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك، ولك الحمد حمدا دائما لا منتهى له دون مشيئتك، وعند كل طرفة عين وتنفس نفس.

وجاء في مجلة الجامعة الإسلامية: إن حمد الله عز وجل وشكره على نعمه هو بحد ذاته نعمة عظيمة تستوجب حمدا آخر وشكرا متجددا، روى ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر عن بكر بن عبد الله قال: ما قال عبد قط: الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقوله: الحمد لله، فما جزاء تلك النعمة؟ جزاؤها أن يقول الحمد لله، فجاءت أخرى، ولا تنفد نعم الله عز وجل، ولذا، قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله في حمد الله: الحمد لله الذي لا تؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها ـ أي: إن العبد إذا حمد الله فهذه نعمة أخرى حادثة تستوجب حمدا آخر، قال ابن أبي الدنيا: أنشدني محمود الوراق:

إذا كان شكري نعمة الله نعمة * علي له في مثلها يجب الشكر

فكيف وقوع الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر

إذا مس بالسراء عم سرورها * وإذا مس بالضراء أعقبها الأجر

وما منهما إلا فيه منة تضيق بها الأوهام والبر والبحر.

وقد اعتُرض على ابن الصلاح في عبارة قريبة مما جاء في السؤال، وأجاب عنه الحافظ ابن حجر بما يلي: قوله: حمدا بالغا أمد التمام ومنتهاه ـ اعترض عليه بأن هذه دعوى لا تصح، وكيف يتخيل شخص أنه يمكنه أن يحمد الله حمدا يبلغ منتهى التمام، والفرض أن الخلق كلهم لو اجتمع حمدهم لم يبلغ بعض ما يستحقه تعالى من الحمد فضلا عن تمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا أحصي ثناء عليك ـ مع ما صح عنه في حديث الشفاعة: أن الله يفتح عليه بمحامد لم يسبق إليها والجواب: أن المصنف لم يدَّع أن الحمد الصادر منه بلغ ذلك، وإنما أخبر أن الحمد الذي يجب لله هذه صفته، وكأنه أراد أن الله مستحق لتمام الحمد، وهذا بين من سياق كلامه، ومن هذا قول الشيخ محي الدين في خطبة المنهاج وغيره: أحمده أبلغ حمد وأكمله، فمراده بذلك أنسب إلى ذاته المقدسة أبلغ المحامد، وليس مراده أن حمدي أبلغ حمد، وقد قال الأصحاب: إن أجل المحامد أن يقول المرء: الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده ـ وهو راجع لما قلناه. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني