الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هي الكيفية التي تؤدى بها العقيقة بصورة أفضل؟ وأهم الأحكام المتصلة بها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعقيقة هي: الذبيحة التي تذبح للمولود، وأصل العق: الشق، والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة؛ لأنه يشق حلقها، ويقال عقيقة للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه.

وهي سنة مؤكدة، كما عليه جمهور أهل العلم؛ لما رواه مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له ولد، فأحب أن ينسك عن ولده، فليفعل. وقد روى أصحاب السنن عن سمرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويتصدق بوزن شعره فضة، أو ما يعادلها، ويسمى.

ويذبح عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة؛ لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن ُيعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة.

ويسن أن تذبح يوم السابع للولادة، فإن لم يكن، ففي الرابع عشر، وإلا ففي الحادي والعشرين؛ لما أخرجه البيهقي عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العقيقة تذبح لسبع، أو لأربع عشر، أو لإحدى وعشرين.

فإن لم يتمكن في هذه الأوقات؛ لضيق الحال، أو غير ذلك، فله أن يعق بعد ذلك، إذا تيسرت حاله، من غير تحديد بزمن معين، إلا أن المبادرة مع الإمكان أبرأ للذمة.

والذي تطلب منه العقيقة هو: من تلزمه نفقة المولود، فيؤديها من مال نفسه، لا من مال المولود.

ولا يفعلها من لا تلزمه النفقة، إلا بإذن من تلزمه، وهو مذهب الشافعية، وقالوا: إن عقّ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، محمول على أن نفقتهما كانت على الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنه عقّ عنهما بإذن أبيهما.

وإذا بلغ، ولم يُعق عنه، عق عن نفسه.

وذكر المالكية أن المطالب بالعقيقة هو الأب، وصرح الحنابلة أنه لا يعق غير الأب، إلا إن تعذر، بموت، أو امتناع، فإن فعلها غير الأب، لم تكره، وإنما عق النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين؛ لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزى فيها عوراء، ولا عرجاء، ولا جرباء، ولا مكسورة، ولا ناقصة، ولا يجز صوفها، ولا يباع جلدها، ولا شيء من لحمها. ويأكل منها، ويتصدق، ويهدي، فسبيلها في جميع الوجوه سبيل الأضحية.

ولا حرج في كسر عظمها، ولا يلتفت إلى قول من قال: إنه لا يكسر؛ تفاؤلًا بسلامة الصبي؛ إذ لا أصل له في كتاب، ولا سنة صحيحة، وغاية ما احتجوا به هو ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: السنة شاتان مكافئتان عن الغلام، وعن الجارية شاة، تطبخ جدولًا، لا يكسر لهما عظم. أخرجه البيهقي، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، لكن قال الإمام النووي -رحمه الله-: وأما حديثها الآخر في طبخها جدولًا، فغريب. رواه البيهقي من كلام عطاء بن أبي رباح.

وعلى هذا؛ فالحديث معلول، لا يحتج به، ويؤيد هذا الحكم ما قاله الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل من أن (ظاهر الإسناد الصحة، ولكن له عندي علتان: الأولى: الانقطاع ... والأخرى: الشذوذ، والإدراج. فقولها: (تطبخ، أو تقطع جدولًا، لا يكسر لها عظم) هو من كلام عطاء موقوفًا عليه، فهو مدرج في الحديث.

والسن المجزئ في الأضحية، والعقيقة، إذا كانت من الإبل؛ أن تكون مسنة، وهي ما لها خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، ومن الضأن ما له ستة أشهر. لا يجوز أن يكون سنها أقل مما ذكر.

ولا يشترط أن يرى الوالد دم العقيقة، وليس على ذلك دليل.

وذهب جمهور الفقهاء الى أنه يستحب طبخ العقيقة كلها؛ حتى ما يتصدق به، وإن فرّقها دون طبخ، جاز ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني