الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاحتكار.. تعريفه..حكمه..وشروط تحققه

السؤال

الاحتكار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا كان المقصود هو الاحتكار الذي يذكره الفقهاء في باب البيع، فالجواب أن الفقهاء عرفوه بتعاريف متقاربة وتصب في مجملها في معنى واحد هو: حبس التجار طعام الناس وأقواتهم عند قلتها وحاجتهم إليها ليرتفع السعر ويغلى، وقد اتفقوا في الجملة على أنه لا يجوز إذا أضر بالناس، وقيدوا ذلك بقيود اتفقوا على أغلبها واختلفوا في بعضها.
ودليل التحريم عندهم ما أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحتكر إلا خاطئ.. وفي المستدرك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى: أن يحتكر الطعام. وفي المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه. وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله. وفي المستدرك أنه صلى الله عليه وسلم قال: المحتكر ملعون. وهذا الحديث والذي قبله تكلم أهل العلم في صحتهما؛ إلا أن ابن حجرالهيتمي عد الاحتكار من الكبائر بناء على هذا الوعيد الوارد في هذين الحديثين وما شابههما في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر، والحكمة من تحريم الاحتكار الحيلولة دون إلحاق الضرر بالناس في حاجياتهم الاساسية.
ومن الشروط التي يتحقق بها الاحتكار:
1ـ أن يكون المحتكَر طعاماً، وهذا ما تفيده تعاريفهم له، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك، وهنالك أقوال أخرى يذكرونها في ثنايا كلامهم على الاحتكار وتفصيلاً، منها: أن الاحتكار يجري في كل ما يحتاجه الناس ويتضررون بحبسه من قوت وإدام ولباس ونحو ذلك. ومنها: أن الاحتكار يجري في الطعام واللباس خاصة لمسيس حاجة الناس إليهما.
2ـ أن يكون تملك السلعة عن طريق الشراء، وهذا مذهب الجمهور، وعليه فلو تملكها عن طريق الهبة أو الإرث، أو كان ذلك حصاد زرعه ثم حبس السلعة فلا يعتبر ذلك احتكاراً، وذهب بعض الفقهاء إلى أن العبرة إنما هي باحتباس السلع بحيث يضر بالعامة حبسها.
3ـ أن يكون الشراء وقت الغلاء بقصد حبس السلعة حتى يرتفع سعرها ويكثر الطلب عليها، فلو اشتراها وقت الرخص وحبسها حتى ارتفع سعرها فلا يكون ذلك احتكاراً، وهذا الشرط محل خلاف كبير بين الفقهاء.
4ـ أن يترتب على حبسها التضييق والضرر عليهم، وهنالك بعض الصور والتفاريع مختلف فيها.. تراجع في المطولات.
وأخيراً ننبه إلى أن التجار إذا احتكروا ما يحرم احتكاره فإن على الحاكم أن يأمرهم بإخراج ما احتكروه وبيعه للناس، فإن لم يمتثلوا ذلك أجبرهم على البيع إذا خيف الضرر على العامة، أو أخذه منهم وباعه هو ورد عليهم الثمن.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني