الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين وصف القرآن بالكريم ووصف الله بالأكرم

السؤال

أتمنى التوضيح، والشرح.
عند قول: القرآن الكريم.
فهل الكريم هنا بأل التعريف، تعني أن أكرم شيء القرآن؟ وكيف والله هو أكرم الأكرمين، والقرآن صفة لله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الكريم هنا نعت لكلمة القرآن المعرفة، وقد طابقتها في التعريف، كما طابقتها في التنكير، في قوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ {الواقعة:77}.

ولكن مجرد التعريف بأل، لا يعني التفضيل، حتى يتوهم التعارض بينه وبين وصف الله بأنه الأكرم، في قوله تعالى: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {العلق:3}، فإن القرآن لم يوصف بالتفضيل، كما وصف الله تعالى بأنه الأكرم، فهذه العبارة تدل على التفضيل، وقد تأتي بمعنى الكريم.

فقد جاء في الأسماء والصفات للبيهقي: ومنها: الأكرم "قال الله عز وجل: {وربك الأكرم} [العلق: 3] ورويناه في خبر الأسامي، عن عبد العزيز بن الحصين، قال أبو سليمان: هو أكرم الأكرمين, لا يوازيه كريم, ولا يعادله فيه نظير, وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم, كما جاء الأعز بمعنى العزيز. اهـ.

ثم إن القرآن من كلام الله، وكلامه صفة من صفاته، والله عز وجل بصفاته هو الأعز الأكرم سبحانه وتعالى، فلا حرج لو قيل عن القرآن إنه الأكرم، ولا مفاضلة بين الذات وصفاتها.

واعلم أنه ثبت في النصوص ما يفيد عظمة القرآن، وفضله، وشرفه؛ فهو كلام الله. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصلت:42}، وهو المعجزة الكبرى، الخالدة لرسولنا، تكفل الله ـ سبحانه ـ بحفظه من التحريف والتبديل، دون سائر الكتب السماوية، يقول تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.
وهو أفضل الكلام، كما في الحديث: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. رواه مسلم .

ولقد وصفه الله تعالى بأوصاف الجلال والكمال، فقال: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ {الحجر:87}. وقال: يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ {يس:2،1}.
وجاء في بصائر ذوي التمييز، في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي: اعلم أن كثرة الأسماء، تدل على شرف المسمى، أو كماله في أمر من الأمور. أما ترى أن كثرة أسماء الأسد، دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة، دلت على كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية، دلت على شدة نكايتها. وكذلك كثرة أسماء الله تعالى، دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، دلت على علو رتبته، وسمو درجته. وكذلك كثرة أسماء القرآن، دلت على شرفه، وفضيلته. وقد ذكر الله تعالى للقرآن مائة اسم، نسوقها على نسق واحد. ويأتي تفسيرها في مواضعها من البصائر.

الأول: العظيم: مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ {الحجر: 87}.

الثاني: العزيز: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ {فصلت: 41}.

الثالث: العلى: لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ {الزخرف: 4}.

الرابع: المجيد بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ {البروج:21}.

الخامس: المهيمن: وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ {المائدة: 48}.

السادس: النور: وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ {الأعراف: 157}.

السابع: الحق: قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ {يونس: 108}.

الثامن: الحكيم: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ {يس: 1-2}.

التاسع: الكريم: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ {الواقعة: 77}....... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني