الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقديم محبة المال والولد على محبة الله تعالى

السؤال

ما حكم من يحب أولاده، وماله أكثر من الله، لكن ليس محبة عبودية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن كمال الإيمان أن يكون المسلم محبًّا لله تعالى, ورسوله، أكثر من نفسه, وماله, وغير ذلك, فقد قال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة:24}، وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر، كما يكره أن يقذف في النار. انتهى.

وقال ابن القيم في روضة المحبين: ولهذا كان أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبه كلها لله تعالى وحده، بحيث يحب الله بكل قلبه، وروحه، وجوارحه، فيوحد محبوبه، ويوحد حبه. انتهى.

وتقديم محبة المال, أو الولد على محبة الله تعالى، دليل على عدم كمال الإيمان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله، فهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، لكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم يحصل شيئًا فشيئًا، إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون إلى اليقين، ولا إلى الجهاد; ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا؛ إذ ليس عندهم من علم اليقين ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ورسوله ما يقدمونه على الأهل، والمال، فهؤلاء إن عوفوا من المحنة ماتوا ودخلوا الجنة; وإن ابتلوا بمن يدخل عليهم شبهات توجب ريبهم، فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين، وانتقلوا إلى نوع من النفاق. انتهى.

وعلى هذا؛ فإذا كان المسلم يحب أولاده, وماله -غير محبة عبادة- أكثر من محبة الله تعالى، فهذا دليل على عدم كمال إيمانه، فينبغي له أن يجاهد نفسه, ويكثر من الدعاء حتى يترقى إلى الدرجات العُلى من كمال الإيمان, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 177731، والفتوى رقم: 178167.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني