الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تواتر أحاديث السمع والطاعة للحاكم المسلم

السؤال

أسألك وأرجو صدقا في الإجابة، واعلم أنني أنا وأنت محاسبان وسننقف أمام الله وسيسألنا عن كل ما نفعله: أشعر بأنني صرت أشك في كثير من الأحاديث التي يقول العلماء إنها صحيحة، فأشعر أن العلماء فعلا يصححون أحاديث مكذوبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: مثل باب الإمارة في صحيح مسلم، وباب وجوب طاعة ولي الأمر في غير معصية في شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، فالأحاديث فيما سبق على يقين من أنها مكذوبة وتم تصحيحها من قبل العلماء، لأن معناها إن كانت صحيحة فستضيع ثلاثة أشياء في الشريعة الإسلامية:
1ـ العدل
2ـ الحقوق
3ـ المساءلة.
https://m.youtube.com/watch?v=4sWJXt9xlXw

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يشرح صدرك للحق، وأن يصرف عنك مضلات الفتن، وقد سبق أن ذكرنا مرارا أن الواجب على المسلم أن يتلقى دينه عن المعروفين بالعلم والتقى، وأن من المزالق الخطيرة أن يرعي المرء سمعه لمن يرد السنن الثابتة ويطعن في الأحكام الشرعية المحكمة المجمع عليها، وما أعجب حال من يستمع إلى أولئك المنحرفين ثم يأتي ويلتمس لنفسه الشفاء من حسك الشبهات، فالمرء لا يجني من الشوك العنب! وهل ترجو من سماعك للمتنكبين لجادة أهل العلم أن تنال اليقين وثلج الصدر؟ كلا! لن تنال من الإصغاء إليهم إلا الحيرة والشكوك والاضطراب، والحيدة عن الطريق القويم الذي سلكه علماء الأمة الثقات على مر القرون والعصور، وسنكتفي بإحالتك إلى فتاوى تكلمنا فيها عن القضايا التي أثرتها دون الاشتغال بالاستماع إلى المقطع والتعقيب عليه، فإن هذا ليس من اختصاص موقعنا، فأما تكذيب أحاديث كتاب الإمارة من صحيح مسلم: فقد سبق أن بينا قطعية ثبوت جمهور أحاديث الصحيحين، وإجماع الأمة على تلقيها بالقبول، فانظر الفتوى رقم: 199637، وإحالاتها.

وأما بخصوص أحاديث السمع والطاعة للحاكم المسلم والنهي عن الخروج عليه: فهي متواترة ـ والمتواتر: هو ما رواه جماعة يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب وأسندوه إلى شيء محسوس ـ قال الشوكاني: ولا يجوز لهم أن يطيعوه في معصية الله، ولا يجوز لهم أيضا الخروج عليه ومحاكمته إلى السيف، فإن الأحاديث المتواترة قد دلت على ذلك دلالة أوضح من شمس النهار، ومن له اطلاع على ما جاءت به السنة المطهرة انشرح صدره لهذا. اهـ.

وفي نظم المتناثر من الحديث المتواتر: الأمر بالطاعة للأئمة والنهي عن الخروج عليهم: ذكر أبو الطيب القنوجي في تأليف له سماه: العبرة مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة أنها متواترة ـ ونصه: وطاعة الأئمة واجبة إلا في معصية الله باتفاق السلف الصالح، لنصوص الكتاب العزيز والأحاديث المتواترة في وجوب طاعة الأئمة، وهي كثيرة جداً ـ وقال أيضاً ما نصه: وقد تواترت الأحاديث في النهي عن الخروج على الأئمة ما لم يظهر منهم الكفر البواح أو ترك الصلاة، فإذا لم يظهر من الإمام الأول أحد الأمرين لم يجز الخروج عليه، وإن بلغ في الظلم أي مبلغ، لكنه يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بحسب الاستطاعة. اهـ باختصار.

وأما عن فقه أحاديث السمع والطاعة والنهي عن الخروج على الحكام، وبيان أنها لا تنافي العدل وحفظ الحقوق ونحو ذلك: فانظر فيه الفتويين رقم: 216703، ورقم: 283432، وإحالاتهما.

وراجع للاستزادة رسالة: الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة، للدكتور عبدالله الدميجي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني