الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا فتاة عندي حلم كبير جدًّا شبه مستحيل، وقد يبدو أنه سخيف لبعض الناس، لكن هذا الحلم أعيش لأجله، وأعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يزرع في قلبي حب شيء مستحيل.
حلمي أن أقابل المشاهير وأمثالي الأعلين في الغرب وكوريا، وأريهم مدى روعة الإسلام، وهذا طبعًا بعد تكوين علاقة صداقة، ودراسة الإسلام والتعرف إليه أكثر، وأخشى من أن يسخر مني الناس، ويقولوا لي: حلمي مستحيل، وعليّ أن أبحث عن حلم آخر، وأعرف أن ربي عظيم قادر على كل شيء، وربي سيحقق لي هذا الحلم بالدعاء، والاجتهاد والعمل حتى يكون لي شأن، وأكون ناجحة، لكن الفترة الأخيرة ينتابني شعور أن الله لن يحققه، وأريد أن أتقرب من الله، لكن تأتيني وسوسة وشك في وجود الله تعالى، وأشعر بالثقل في قلبي حين تأتي تلك الوساوس، وسؤالي هو: هل حلمي نبيل وشريف كفاية لكي أكافح لأجله، وأدعو الله وأطمع في استجابته؟ وهل الله يحب كل الذين خلقهم؟ وهل الناس الذين على دين غير الإسلام سيفرح إن وجدهم يدخلون الإسلام، ويحب عباده كلهم ويريد منهم أن يكونوا من الناس الذين على دين الحق؟ وهل لدى حضراتكم أي قصص حقيقية عن استجابة الدعاء؟ وهل من الطبيعي حين أريد التقرب من الله وأذكره أن لا أشعر بشيء؟ وأنا أصلي فهل من الطبيعي أن لا يكون عندي خشوع تام، وأن ذهني في مكان آخر؟ وهل الاستغفار وذكر الله يحقق الدعاء، ويريح القلب فعلًا ويجلب الرزق؟ فالوساوس تكثر يومًا بعد يوم، و لا أستطيع أن أبدأ أي شيء، أو أتخذ أي خطوة تجاه حلمي. وإذا اجتهدت فهل سيوفقني الله؟
شكرًا جدًّا لكم، وآسفة على أسئلتي الكثيرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالجواب عن أسئلتك يتلخص في نقاط.

أولًا: أعظم حلم للمؤمن هو أن يرضي ربه تبارك وتعالى، وينال مغفرته، وجنته، فاجعلي قصدك مرضات الله، وسابقي إلى الخيرات، وأكثري من فعل الطاعات، ولا يكن لك همّ سوى الاشتغال بما يقربك من الله سبحانه.

ثانيا: الدعوة إلى الله عمل نبيل، ومقصد كريم، لكنه يحتاج إلى التزود بالعلم النافع، فاجتهدي في التعلم ما وسعك، راجعة في ذلك إلى أهل العلم الثقات، ثم ادعي إلى الله بحسب وسعك وطاقتك؛ سواء في بلدك أم غيره، أم حيث كنت، بكل الطرق الممكنة؛ طلبًا لمرضات الله، وحرصًا على نيل فضيلة الدعوة إليه؛ امتثالًا لقوله جل اسمه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}

ثالثًا: مثل المسلم الأعلى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الصالحون من عباد الله؛ كأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل العلم والفضل والجهاد من الأمة، وأما جعل الكفار من الغربيين مُثُلًا عليا، فأمر يربأ المسلم بنفسه عنه.

رابعًا: الله تعالى على كل شيء قدير، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فادعيه أن يصرف همتك لطاعته، ويميل بقلبك إلى ما يحب، والدعاء من أعظم أسباب التوفيق، كما قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} وكثيرة هي القصص والأخبار الدالة على حصول المأمول بالدعاء، واللجأ إلى الله تعالى.

خامسًا: عليك بالإعراض عن الوساوس، وتجاهلها وعدم الالتفات إليها؛ فإن الالتفات إلى الوساوس يفضي إلى شر عظيم، ولا تضرك الوساوس في العقيدة، ما دمت كارهة لها نافرة منها.

سادسًا: الخشوع في الصلاة من أهم مقاصدها، فهو روح الصلاة، ولبّها، ولبيان بعض الأسباب المعينة على تحصيله انظري الفتوى رقم: 124712.

سابعًا: الله لا يحب من عباده إلا المؤمنين المخلصين، وأما الكفار فالله لا يحبهم، ولا يحب كفرهم، ما داموا كذلك، وهو يحب من عباده الاجتهاد في دعوتهم، فإذا انتقلوا عما هم عليه إلى الإيمان، أحبهم الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني