الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام نظر المرأة للرجل ولشخصية غير واقعية

السؤال

أحب شخصية الأنمي وأكثر النظر إليها، فهل يعتبر هذا حراما وأحاسب عليه؟ ولو دخلنا الجنة ـ إن شاءالله تعالى ـ فهل من الممكن أن ألتقي بها؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما بالنسبة لمسألة النظر إلى هذه الصورة فحكمها مبنية على أصلين:

الأول: حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها، وخلاصته أن ذلك لا يجوز إذا قصدت به اللذة، أو خافت به الفتنة، قال العلامة ابن القطان الفاسي في كتاب إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر بعد أن ذكر تفصيل الخلاف في ذلك: إن قصدت اللذة وخافت الفتنة حرم بلا نزاع، وكذلك إن قصدت ولم تخف، فإنها تاركة لغض البصر حيث أُمِرت به، ومتعرضة بقصد الالتذاذ لجلب الهوى، ولعلّ قصد الالتذاذ هو عين الفتنة، وإن هي لم تقصد ولم تخف جاز بلا نزاع... فإذاً للمرأة أن تنظر في هذه الحال التي هي لا خوف ولا قصد التذاذ إلى وجوه الرجال، كما تنظر إلى الكبش والخيل، وإذا جاز إلى الوجه، جاز إلى الكفين والقدمين بالأحرى والأولى، فإن الوجه هو مجمع المحاسن، أما إذا قصدت الالتذاذ وخافت الافتتان، فليس لها النظر ولا إلى القِرد على هذا الوجه، وكذلك إذا قصدت وإن لم تخف، فإنها إذا قصدت الاستمتاع والتلذذ بالنظر تحقَّقَ من خوف الافتتان ما ليس في حسبانها، إن لم يكن ذلك القصد هو عين الفتنة. اهـ.

وقال أيضا: الضابط المعتبر: هو جلب الهوى الموقع في الفحشاء، من أجل ذلك نهينا عن النظر قطعاً، وأمرنا بغضِّ البصر في المواضع المسلَّمة التي لا نزاع فيها، والعلم بهذا كالعلم بأنَّا إنما نُهينا عن الزنى مخافة اختلاط الأنساب. اهـ.

والأصل الثاني: في حال تحقق الحرمة بقصد اللذة أو خوف الفتنة هو: حكم النظر إلى صورة ما لا يجوز النظر إليه في الواقع، قال ابن القطان: كل ما قلنا: إنه لا يجوز أن ينظر إليه الرجل أو غيره من عورة أو شخص، فإنه لا يجوز أن ينظر إلى المنطبع منه في مرآة أو ماء أو جسم صقيل، ومن هاهنا لم يجز أن يقال في الزوجين، إذا اختلفا في الإِصابة عند العيب والاعتراض: ينظر إليهما في المرآة، وإنما لم يجز ذلك، لأن المرآة قد أدّت إلى الناظر من صفة المنطبع فيها، أكثر مما أدَّته المرأة الواصفة لزوجها امرأة أخرى، فقد حرّم الشرع ذلك، وهو دون هذا، روى عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها ـ ولأنه في الحقيقة قد نظر إلى ذلك الشيء بعينه، لكن إما بانعكاس الأشعة، أو على وجه آخر مما قيل في سبب الإِدراك، مما ليس على الفقيه اعتباره، فاعلم ذلك. اهـ.
وعلى ذلك؛ فمتى قصدت السائلة بهذا النظر لذة أو خافت فتنة، لم يجز لها فعله، وإن كانت الصورة لشخصية غير واقعية، مراعاة لعلة المنع، وهذا في حكم النظر المجرد، وأما مسألة التعلق والإكثار من المشاهدة، وأن يبلغ الحال من الغرابة والنكارة ما ذكرته السائلة بقولها: ولو دخلنا الجنة.. فهل من الممكن أن ألتقي بها؟!! فراجعي فيه الفتويين رقم: 338563، ورقم: 303334.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني