الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثواب صدقة التطوع على الوالدين والأقربين

السؤال

هل يجوز عقد نية الصدقة عند الإنفاق على الوالدين والأخ، وخاصة إن كان الأخ مقبلا على الزواج والوالدان دخلهما ضعيف؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالنفقة على الأقارب يثاب عليها الإنسان، كما يدل عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ. متفق عليه.
والصدقة عليهم من حيث الأصل أفضل من الصدقة على غيرهم، قال ابن العربي ـ رحمه الله تعالى ـ في أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى: يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} وصدقة التطوع في الأقربين أفضل منها في غيرهم. اهـ.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي، بعد أن ذكر أن الوالدين والزوجة والأولاد الذين تجب نفقتهم لا يجوز دفع الزكاة إليهم: وأما صدقة التطوع: فيجوز دفعها إلى هؤلاء، والدفع إليهم أولى. اهـ.

فلا حرج عليك عند الإنفاق على والديك أن تنوي بها الصدقة، لأنها نفقة واجبة وصدقة أيضا، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع: فإذا قمت بالواجب في مؤونة أهلك كنت قائماً بواجب وصدقة، كما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الإنسان إذا أنفق على أهله فهي صدقة ـ1ـ بل لو أنفق على نفسه فهي صدقة، وحينئذ نقول: إنك في الواقع لم تخرج عن مسمى المتصدق إذا أنفقت على أهلك ونفسك، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل الإنفاق على الأهل من الصدقة، بل الإنفاق على الأهل واجب تثاب عليه أكثر من الثواب على الصدقة على بعيد. اهـ.

وقال أيضا: ومن نعمة الله سبحانه وتعالى أن إنفاقك على أولادك صدقة، بل إنفاقك على نفسك صدقة، كما ثبت عن النبي صلى عليه الصلاة والسلام، وهذه من سعة رحمة الله، فالإنسان يقضي شيئاً واجباً عليه ومع ذلك يثاب ثواب الصدقة الواجبة، لأن إنفاقك على نفسك وأولادك واجب. اهـ.

لكن لا يجوز أن تنفق على والديك من الصدقة الواجبة عليك كالزكاة إذا كانا فقيرين، لأن نفقتهما حينئذ واجبة عليك إذا كنت موسرا، فلا تسقط النفقة الواجبة عليك بالزكاة الواجبة عليك، ويجوز لك أن تدفع لأخيك المحتاج للزواج وليس عنده ما يتزوج به من الصدقة الواجبة، وصدقة التطوع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني