الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوج من زوجته الناشز الظالمة له

السؤال

تزوجت من زوجتي منذ 9 شهور وهي الآن حامل في الشهر السادس، ونحن نعيش في دولة من دول الغرب، وللأسف اتصلت بالشرطة وادعت أنني ضربتها من أجل الغيرة، ولكنني كنت أدافع عن نفسي عندما كانت تعتدي علي بالضرب.. وفد تسببت بحبسي، ووجهت الحكومة لي 4 قضايا بسبب دعواها زورا، وإن شاء الله سوف أخروج من هذه القضايا بعون الله، ولم أرها منذ ذلك اليوم بحكم من الشرطة، ولم تعترف ولم تشعر بالخطأ إلى يومنا هذا ومازال الكبر والجبروت بها، مع أنها لا تريد الطلاق، ولكنها تصر على الكبر، وهي عربية مسلمة تصلي بانتظام وتحفظ كثيرا من القرآن وسوف تلد الشهر القادم، وكل أهلي وأصحابي يجمعون على أنني لابد أن أطلقها خشية أن تؤذيني في المستقبل، وأنا مازلت أحبها، ولكنني أخاف منها ومن غدرها في المستقبل، وأقول إن الممكن أن تكون عملت هذا بسبب اكتئاب الحمل، فهل هذا الكبر والإصرار على الأذى من عوامل الحمل؟ ولو طلبت مني أن أسامحها في المستقبل، فهل أوافق من أجل ابني؟ وكيف آمنها في المستقبل؟ وماذا أطلب منها أن تفعل لكي أسامحها؟ وهل يجب علي أن أصرف عليها حتى تلد؟ علماً بأنها طردتني من المنزل بحكم الشرطة ظلما، ولو طلقتها، فهل يجب علي دفع مؤخر الصداق لها؟ علماً بأن فلوس المحامي الذي يدافع عني في القضايا التي تسببت فيها هو ضعف مؤخر صدقها، ولو طلقتها فسوف أدفع لها نفقة الطفل، فهل يجب علي دفع النفقة لها لمدة عام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ندري إن كان ما فعلته زوجتك بسبب الحمل أو غيره، لكن إذا تابت واعتذرت إليك فينبغي أن تقبل عذرها إذا ظهر لك صدقها في التوبة، وبعد ذلك تحسن الظن بها وتعاشرها بالمعروف، وإذا كان الحال كما ذكرت من كونها ظالمة لك في الشكوى، فلا نفقة لها مدة حبسك، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى في كلامه على مسقطات النفقة وحَبَسَهَا لَهُ ـ أَيْ: لِزَوْجِهَا ـ بِحَقِّهَا عَلَيْهِ مَعَ إعْسَارِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مُدَّةَ حَبْسِهِ، لِأَنَّهَا ظَالِمَةٌ مَانِعَةٌ لَهُ مِنْ التَّمْكِينِ مِنْهَا.

ولا نفقة لها إذا كانت ناشزاً، لكن بعض أهل العلم يرى أنّ نفقة الحامل تجب على الزوج ولو كانت ناشزاً، وهو القول الذي نرجحه، قال ابن تيمية رحمه الله: والْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ: أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِلْحَمْلِ، وَلَهَا مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، لِكَوْنِهَا حَامِلًا بِوَلَدِهِ، فَهِيَ نَفَقَةٌ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ أَبَاهُ لَا عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا.

وعليه، فالراجح عندنا أنّ نفقتها لم تسقط بشكايتها لك وحبسك ولا بنشوزها، لكونها حاملاً، وإذا طلقتها من غير أن تشترط عليها إسقاط شيء من حقها، فلها مهرها كله معجله ومؤجلها ونفقة العدة، ومدة العدة ليست عاماً كما ذكرت ولكنها تنقضي بوضع الحمل إذا طلقت وهي حامل، أو بانقضاء ثلاث حيضات ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر ممن لا تحيض، أما نفقة ولدك: فهي عليك مادام محتاجاً للإنفاق، وإذا حصل نزاع في هذه الأمور فمرده إلى المحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها كالمراكز الإسلامية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني