الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمام أبو حنيفة من التابعين

السؤال

هل الراجح أن الإمام أبا حنيفة تابعي؟ أم من أتباع التابعين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ ولد سنة: 80هـ وقيل: إنه رأى عددا من الصحابة منهم أنس بن مالك، وهذا ممكن، فإن بعض الصحابة عاش إلى سنة اثنين ومائة، وقيل عشر ومائة، وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي الذي توفي بمكة المكرمة ـ حرسها الله تعالى ـ جاء في كتاب: منازل الأئمة الأربعة للأزدي: قال أبو حنيفة: حججت مع أبي سنة ست وتسعين، ولي ست عشرة سنة، وإذا أنا بشيخ قد اجتمع الناس عليه، فقلت لأبي: من هذا الرجل؟ فقال: هذا رجل قد صحب محمدا صلى الله عليه وسلم يقال له عبد الله بن الحارث".

وذكر الشيرازي في طبقات الفقهاء أبا حنيفة في فقهاء التابعين بالكوفة، فقال: كان في أيامه أربعة من الصحابة: أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى الأنصاري وأبو الطفيل عامر ين واثلة وسهل بن سعد الساعدي، وجماعة من التابعين كالشعبي والنخعي وعلي بن الحسين وغيرهم، وقد مضى تاريخ وفاتهم، ولم يأخذ أبو حنيفة عن أحد منهم. اهـ..

وروى الصَّيْمَري الحنفي في كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه عن أبي نعيم قال: ولد أبو حنيفة سنة ثمانين، وتوفي سنة خمسين ومائة، ورأى أنس بن مالك سنة خمس وتسعين وسمع منه. اهـ.. والصحيح أن أنسا رضي الله عنه مت قبل ذلك، سنة 93 أو قبلها. وانظر الفتوى رقم: 54708 . والمقصود أن الإمام أبا حنيفة - رحمه الله - من التابعين، لأنه لقي بعض الصحابة، ولكن لم تصح روايته عن أحد منهم. قال السيوطي في تبييض الصحيفة بمناقب أبي حنيفة: قال حمزة السهمي: سمعت الدارقطني يقول: "لم يلق أبو حنيفة أحدا من الصحابة إلا إنه رأى أنسا بعينه ولم يسمع منه". ... ووقفت على فتيا رفعت إلى الشيخ ولي الدين العراقي صورتها: هل روى أبو حنيفة عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل يعد هو من التابعين أم لا؟ فأجاب بما نصه: "الإمام أبو حنيفة لم يصح له رواية عن أحد من الصحابة، وقد رأى أنس بن مالك، فمن يكتفي في التابعي بمجرد رؤية الصحابي يجعله تابعيا، ومن لا يكتفي بذلك لا يعده تابعيا". ورفع السؤال إلى الحافظ ابن حجر فأجاب بما نصه: "أدرك أبو حنيفة جماعةً من الصحابة؛ لأنه ولد بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة، وبها يومئذٍ: عبد الله بن أبي أوفى، فإنه مات بعد ذلك بالاتفاق. وبالبصرة يومئذ أنس بن مالك، ومات سنة تسعين أو بعدها. وقد أورد ابن سعد بسند لا بأس به: أن أبا حنيفة رأى أنسا، وكان غير هذين من الصحابة بعِدَّةٍ من البلاد أحياء. وقد جمعَ بعضُهم جزءا فيما ورد من رواية أبي حنيفة من الصحابة، ولكن لا يخلو إسنادها من ضعف، والمعتمدُ على إدراكه ما تقدّم، وعلى رؤيته لبعض الصحابة ما أورده ابن سعد في «الطبقات» فهو بهذا الاعتبار من طبقة التابعين، ولم يثبت ذلك لأحد من أئمة الأمصار المعاصرين له: كالأوزاعي بالشام، والحمادين بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالمدينة، ومسلم بن خالد الزنجي بمكة، والليث بن سعد بمصر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني