الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريق الوصول إلى الفرقان بين الحق والباطل

السؤال

كيف يحصل الإنسان على الفرقان الذي يفرق به بين الحق والباطل في خضم هذه الأحزاب والجماعات والأخبار... حتى لا يغرر به ويكون على حذر ووعي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الفرقان يحصل للعبد إذا استعان بالله تعالى وتوكل عليه، وأخلص نيته في طلب الحق وتجرد عن الهوى، وسعى واجتهد في سبيل ذلك بتحصيل العلم النافع والتزود منه ومجالسة أهله، والاستقامة على طاعة الله تعالى والعمل بما علم، وإذا اجتمعت هذه المعاني في امرئ كان من المتقين، وتأهل لموعود الله سبحانه القائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {الأنفال: 29}.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: قال ابن عباس، والسدي، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، ومقاتل بن حيان: فرقانا ـ مخرجا، زاد مجاهد: في الدنيا والآخرة، وفي رواية عن ابن عباس: فرقانا، نجاة، وفي رواية عنه: نصرا، وقال محمد بن إسحاق: فرقانا ـ أي: فصلا بين الحق والباطل، وهذا التفسير من ابن إسحاق أعم مما تقدم وقد يستلزم ذلك كله فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وفق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة، وتكفير ذنوبه ـ وهو محوها ـ وغفرها: سترها عن الناس سببا لنيل ثواب الله الجزيل، كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم {الحديد: 28}. اهـ.

وقال السعدي في تفسيره: امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة، وعلامة الفلاح، وقد رتب الله على التقوى من خير الدنيا والآخرة شيئا كثيرا، فذكر هنا أن من اتقى الله حصل له أربعة أشياء، كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها:

الأول: الفرقان: وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة من أهل الشقاوة.

الثاني والثالث: تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، وكل واحد منهما داخل في الآخر عند الإطلاق، وعند الاجتماع يفسر تكفير السيئات بالذنوب الصغائر، ومغفرة الذنوب بتكفير الكبائر.

الرابع: الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن اتقاه وآثر رضاه على هوى نفسه: وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. اهـ.

وللاستزادة حول هذا الموضوع يمكن الرجوع لرسالة الشيخ فيصل آل صبحان: مسائل في الفتن، ففيه مسألة عن أن الشريعة كما بينت لنا الفتن، بينت لنا المخرج منها وكيفية التعامل معها، وكذلك كتاب بصائر في الفتن، للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وكلاهما متوفر على موقع المكتبة الشاملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني