الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف البنت من أمها التي تفضل إخوتها عليها وتدعو عليها

السؤال

عمري 21 وأنا في مشاكل مع والدتي منذ فترة طويلة جدًا منذ أن كنت بالمرحلة المتوسطة، ولكن المشاكل تختفي وتشتد من فترة لأخرى، تعبت جدًا، والمشاكل عبارة عن التفرقة بين الأبناء بشكل واضح جدًا في جميع الجوانب، والدعاء علي بالموت، أدرك مكانة الأم في الدين ويشهد الله أنني أحاول قدر ما أستطيع عدم رفع صوتي عليها وعدم قول الكلام الجارح لها، وأن أصبر وأحتسب، ويشهد الله أنني في كل صلاة أدعو الله أن يرزقني برها ويحسن فيما بيننا، ولكن في لحظة الغضب لا أعرف ماذا يحدث ومرة بعد مرة لا يتحسن الموقف، بل يزداد سوءا، بل إنها جعلت جميع من في المنزل يكرهونني بسبب الكلام الذي تنقله إليهم، حاولت أن أفهمها كثيرًا أن العلاقة يجب أن تتحسن من الطرفين طرف الأم والبنت ولكنها تعتقد بأنها منزهة عن الخطأ لأنها أم، وأنا البنت العاقة وأن جميع ما يحدث بسببي، فهل أنا مذنبة بخصوص ما يجري؟ وهل أحاسب على ما يخرج مني من غير قصد في لحظات الغضب؟ وهل الأم عليها ذنب في تقصيرها على أبنائها إذا كان الخطأ منها؟ وهل أعتبر عاقة إذا قالت بأنها غير راضية عني إلى الأبد حتى إذا حاولت بكل ما أوتيت من قوة؟.
لا تنسونا من دعائكم جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الحال كما ذكرت من تفضيل أمك لبعض إخوتك عليك، وقيامها بالدعاء عليك دون مسوّغ، فهي ظالمة لك، لكن ذلك لا يسقط حقها عليك في البر، ولا يبيح لك رفع صوتك عليها أو الإغلاظ لها في الكلام أو نحو ذلك، وإنما الواجب عليك برها وطاعتها في المعروف، وإذا قمت بما يجب عليك من بر أمك فلا تكونين عاقة ولا يضرك دعاؤها عليك ـ بإذن الله ـ قال ابن علان:... ودعوة الوالد على والده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه.

وقال المناوي: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق.

وإذا كنت حريصة على بر أمّك ولكن حصلت منك هفوة في حقها، فإن ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء: 25}.

قال القرطبي: وقال بن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.

فداومي على برّ أمّك وجاهدي نفسك على التأدب معها والرفق بها، واعلمي أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.

فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء فكيف بالوالدين اللذين هما أرحم الناس بولدهما؟ وأبشري خيرا ببركة برّك بأمك، فإنه من أحب الأعمال إلى الله ومن أعظم أسباب رضوانه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني