الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق زوجته طلقة ثم قال: لو حصل كذا ستبقى بالثلاثة

السؤال

زوجتي كانت حاملا في شهرها الثاني، وحدث بيننا خلاف وشجار، فقلت لها عندما لم تهدأ (أنت طالق. ارتحتِ)، وكنت أعنيه وأقصده، وهي خرجت وذهبت إلى بيت أبيها، ورجعت في اليوم التالي، ولكني تركت لها شقة الزوجية، وانتقلت إلى شقة والدتي التي تكون أسفل شقتي، ولم أكن أطلع إليها إلا إذا أرادت شيئا للبيت.
وبعد يومين أرسلت لي، وتحدثت معي، وحدثت مشادة كلامية بيننا؛ لأنها قالت لي إنه نزل عليها دم، وأنه قد يسقط الجنين، فقلت لها وأنا أقصد نزول الطفل أي السقط (لو نزل يا رباب (هتبئا) ستبقى بالثلاثة) وكنت في حالة استفزاز وعصبية شديدة، وقلتها على سبيل التهديد. (حتى أنني لم أكن أتذكر ذلك الموقف حتى ذكرتني زوجتي به) وبالفعل بعد يومين أو ثلاثة نزفت دما متجلطا كثيفا وبكثرة، وبعده أشبه ما يكون قطعة لحم في كيس بيضاوي لم يتبين بها أي تخطيط أو شيء من الخلقة. وعندما سألت بعض المشايخ قالوا لي إنها لم تنته عدتها بالسقط، وأنه لا بد من الإقراء؛ لأن السقط تم على 72 يوما، وليس بعد 80 يوما. وبناء عليه، فقد أرجعتها ورددتها إلى عصمتي قبل انتهاء عدتها.
وأنا أريد أن أعرف الآن هل وقع الطلاق مرة واحدة أو مرتين؟ وهل ردي لها ومراجعتها إلى عصمتي صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما قولك لزوجتك في المرة الأولى: " أنت طالق " فلفظ صريح في الطلاق فيقع به. وقولك في المرة الثانية: " هتبأ بالثلاثة " إن قصدت به الطلاق، وكان مجرد وعد به، فهذا لا يلزم منه شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد ولا يستحب. اهـ.
وإن قصدت به التعليق، فحكمه أنه يقع عند حصول المعلق عليه عند جمهور العلماء، كما بينا في الفتوى رقم: 5677، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية لا يقع إلا إذا قصد به إيقاع الطلاق حقيقة، أما مجرد التهديد به أو التخويف أو نحو ذلك، فلا يلزم منه إلا ما يلزم من اليمين، وهو الكفارة.

ووقع الخلاف أيضا في حكم طلاق الثلاث بلفظ واحد، فالجمهور على أنه يقع الثلاث، ويرى ابن تيمية أنه تقع به طلقة واحدة. والمفتى به عندنا في المسألتين هو قول الجمهور.
وفي حال عدم وقوع البينونة الكبرى، وأفتاك علماء موثوقون بأن العدة لم تنته بنزول هذا السقط، فأرجعت زوجتك لأجل ذلك فالرجعة صحيحة، وانظر الفتوى رقم: 76736. ففيها تفصيل القول في الحالة التي يعتبر نزول السقط فيها موجباً لانتهاء العدة.
وننبه إلى أن الطلاق ليس الحل الوحيد الذي يمكن أن تحل به المشاكل في الحياة الزوجية، وأنه ينبغي أن يتقي المسلم الغضب، ويعالجه بما شرع، ولمعرفة كيفية علاج الغضب انظر الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني