الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المصارعة والملاكمة

السؤال

ما حكم المصارعة والملاكمة الرجاء دعم الفتوى بالدليل وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتعرف المصارعة بأنها: إثبات قوة الشخص في مغالبته لشخص آخر وتستخدم في الدفاع عن النفس، وهي معروفة منذ القدم وكانت على شكل حركات بدائية، وتطورت حتى أصبحت فناً رياضياً يعتمد على القوة والمهارة.
وحاصل تعريفات المصارعة العربية المعروفة أنها: إسقاط الخصم على الأرض إما بليِّ رجله أو كسعه من خلفه أو من ظهره أو من قفاه. ودليل مشروعيتها أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم والقصة في سنن أبي داود. وركانة هذا أسلم بعد ذلك.
وفي الإصابة عن سمرة بن جندب أنه لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد وعرض أصحابه فرد من استصغر، ورد سمرة بن جندب وأجاز رافع بن خديج فقال سمرة لربيبه - زوج أمه- عدي بن سنان: يا أبت أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج وردني، وأنا أصرع رافع بن خديج فقال عدي يا رسول الله، رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه، فقال رسول الله لرافع وسمرة "تصارعا" فصرع سمرة رافعاً فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين.
أما المصارعة المعروفة عند الناس اليوم وهي التي يتم فيها الضرب ومحاولة قتل الشخص الآخر، وتصل أحياناً إلى رمي الخصم من مكان عال، فهذه لا شك في حرمتها للضرر الحاصل منها إذا لم تقتصر ثمرتها على إظهار القوة فقط بل أدت إلى زرع العداوات والمشاحنات بل وصل الحقد ببعض متعاطيها إلى التقاتل فيما بينهم، بينما كان المقصود من المصارعة المشروعة إسقاط الشخص فقط وتنتهي عند ذلك.
ولم يكن مقصودها الفتك بالآخر أو تهشيم أعضائه كما هو معروف الآن.
وأما الملاكمة فلعبة رياضية قديمة تقوم مقام المبارزة على أساس عدد من الجولات بين لاعبين يتلاكمان بأيد عادية ثم تطورت حتى أصبحت بالقفازات المصنوعة خصيصاً للملاكمة حديثاً.
والهدف الرئيس من هذه اللعبة هو إيذاء الخصم وطرحه أرضاً، ويفضل أن يكون ذلك بالضربة القاضية كما يسمونها، وهي ذروة درجات الفوز في الملاكمة، ونظراً لما تحدثه هذه اللعبة من آثار سيئة وعاهات مستديمة خاصة على الوجه، فقد ارتفعت أصوات كثير من الناس في تلك البلاد التي تقام فيها تلك اللعبة البشعة تطالب بإلغائها، والأصول الإسلامية تمنع مثل هذه الألعاب المنحرفة التي تربي الناس على العدوانية والكراهية. والحاصل: أن الملاكمة تقوم على استباحة جسم الإنسان وخاصة وجهه وضربه بأقصى قوة يملكها الملاكم بل تعتبر من أكسب اللكمات نقاطاً عن أي منطقة أخرى من الجسد، وفي هذا خرق سافر لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه" رواه البخاري من حديث أبي هريرة، بل قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من يرمي التي زنت أن يرميها في وجهها فقال: " ارموا واتقوا الوجه " أخرجه أبو داود وإذا كان هذا في حق من تعين إهلاكه، فمن دونه أولى.
ومما هو مقرر أن الوجه لا يسلم إذا ضرب من تشوه يشين، فكيف إذا كان هو المقصود بالضرب أصالة وبأقصى قوة، فإذا أضيف إلى ذلك أنها أصبحت ملهاة للملايين، ووسيلة لأكل الأموال بالباطل، وسبباً لإثارة الخصومات بين الفرقاء أصبحت ضغثاً على إباله، ومنكراً إلى منكر. وعليه فإنه لا يشك عاقل في تحريم هذا النوع من الألعاب أعني الملاكمة والمصارعة بصورتها المعروفة عند الناس اليوم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني